مقالات الاستاذ فهمي هويدي

آخر الكلام في أخرق العام - فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2010/10/blog-post_18.html

لا أعرف كيف أغلق باب الجدل حول ترشيحات أخرق العام في مصر، التي تحدثت عنها في عامود الخميس الماضي 14/10.

ذلك أن غاية ما أملكه أن أناشد القراء الذين أمطروني برسائلهم وترشيحاتهم أن يقلبوا صفحة الموضوع إلى غيره من الملفات الأكثر أهمية في حياتنا.
ولست أخفي أن الأصداء التي تلقيتها أدهشتني من زاويتين،
الأولى أنني وجدت أن ثمة إجماعا على أن كل واحد من النماذج الثلاثة التي أشرت إليها جدير حقا بالفوز بلقب «الأخرق»، وأن حظوظ الثلاثة تكاد تكون متساوية في ذلك، حتى أن أحد القراء سألني: هل لابد أن نختار واحدا فقط، ولماذا لا يكون هناك أخرق أول وثان وثالث؟!
من ناحية ثانية لاحظت أن عددا غير قليل من الرسائل أضاف أصحابها ترشيحات أخرى غير الذي ذكرت، الأمر الذي جاء كاشفا عن أن لدينا وفرة من تلك النماذج، وأن صفة الأخرق تنطبق على كثيرين من العائمين على سطح الحياة العامة في مصر.
وهؤلاء العائمون لا اعتبرهم شخصيات عامة، ولكن الأدق أنها شخصيات جرى «تعميمها»، بمعنى أنها لم تتقدم الصفوف بجهد بذلته أو مواهب تمتع بها أصحابها، ولكن أكثرهم فرض على الناس فرضا، إما بسلطة الإدارة أو بقوة الإعلام الموجه أو بقوة المال الذي بات يلعب دورا مهما في المجال العام والحياة السياسية خصوصا في مصر.
إذا سألتني لماذا أطلب إغلاق الملف، فردي المباشر هو أن أغلب الأصداء التي تلقيتها مما يتعذر نشره أو التعقيب عليه. ذلك أنني حرصت على ذكر حالات وصفات ولم أذكر أسماء، ولكن كثيرين تورطوا في ذكر الأسماء، وهو ما لم أرحب به، رغم اقتناعي بجدارة بعضهم بالانضمام إلى قائمة المرشحين للفوز باللقب.

على صعيد آخر فإنني لا أريد أن نستدرج إلى متاهة لا أحد يعلم آخرها، خصوصا أنني علمت أن الكلام الذي ننشره يخضع للفحص والتحليل والتأويل، وكثيرا ما لا يؤخذ بظاهره، ولكن تفترض فيه سوء النية، وأن هذه التحليلات تنقل إلى جهات عدة، وعلى ضوئها تتخذ بعض المواقف والقرارات.
وإذا كنت قد قلت ما عندي في ترشيح الأخرق المنتظر، وحرصت على أن تكون النماذج التي عرضتها في دائرة معينة، فإنني لا أريد أن أتحمل مسؤولية ترشيحات آخرين، سواء كانوا خبثاء أو صرحاء بأكثر مما ينبغى.
بعض القراء سألوني:
لماذا لا تعمم الفكرة وتختار أخرق العرب، بدلا من الاكتفاء بالأخرق في مصر؟
وردي على السؤال أن الخرق ليس مقصورا على مصر بطبيعة الحال، لكنه منتشر أيضا في العالم العربي. وأفضل أن يقوم أهل كل بلد بما عليهم في هذا الصدد. ثم إنني لست مستعدا للخوض في الأمور السياسية إلى هذا المدى. وهو محظور انتبهت إليه من فحوى الرسائل التي طرحت الفكرة ورشحت أسماء لا يختلف عليها عربيا.
وقد أدهشني أن تلك الرسائل اتفقت على ترشيح اسمين أحدهما في المغرب والثاني في المشرق. وقد أورد بعض القراء قائمة بالحيثيات التي استندوا إليها في ترشيحهم، ولا أخفي أنني وجدتها وجيهة ومقنعة للغاية، وأنه لو أن هناك معايير موضوعية ونزيهة لاختيار أخرق العرب لفاز أحدهما باللقب عن جدارة مستحقة.
رغم ذلك فلست مستعدا لفتح ذلك الباب، لأن النتائج مما لا تحمد عقباه ـ ولست في ذلك قلقا من الثمن الذي يمكن أن يدفع لقاء المغامرة. لأن التجربة علمتني أن المرء في بلادنا لا يستطيع أن ينحاز إلى موقف مستقل أو نزيه، ناهيك عن أن يكون معارضا، دون أن يدفع ثمنا لقاء ذلك وهو ما حدث معي ومع غيري.
لكنني وجدت أن القضية ذاتها لا تستحق أن يدفع فيها ثمن، خصوصا أننا نتحدث عن مسألة رمزية، تبدو عابثة في ظاهرها،
لكنها تسلط الضوء على بعض أوجه الواقع المحزن في بلادنا.
إن شئت فقل إنها من قبيل الهزل المر أو سخرية الجريح.
لكل ذلك أرجو أن تكون هذه الملاحظات هي آخر الكلام في مسألة أخرق العام، حتى إشعار آخر على الأقل.
..............................

صحيفة الشرق القطريه السبت 8 ذو القعدة 1431 – 16 أكتوبر 2010
إنها العين الحمراء يا سادة – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2010/10/blog-post_16.html


فى الأسبوع الماضي قررت مصر وقف بث خمس قنوات فضائية، ووجهت إنذارا إلى قناتين أخريين، بحجة مخالفتها لشروط التراخيص الممنوحة لها. وفي تفسير ذلك ذكرت بعض الصحف أن تلك القنوات شاركت في التحريض على العنف، وإثارة الجماهير ونشر أخبار غير صحيحة.

نشر خبر الإيقاف يوم الأربعاء 13 أكتوبر الحالي، وفي اليوم التالي مباشرة صدرت تعليمات إلى مكاتب 9 قنوات تلفزيونية أخرى تقدم خدمات البث المباشر في القاهرة بضرورة توفيق أوضاعها طبقا للقواعد المنصوص عليها لتجديد التراخيص. واشترطت تلك القواعد ضرورة موافقة اتحاد الإذاعة والتلفزيون على تحريك وحدات البث المباشر. كما اشترطت نقل تلك الوحدات إلى مكاتب دائمة بمدينة الإنتاج الإعلامي التابعة لوزارة الإعلام.

في الأسبوع ذاته، صدر قرار حكومي آخر بإخضاع عملية بث الرسائل الإخبارية عبر الهواتف الجوالة لتنظيم جديد، يقضي بضرورة الحصول على تصريح من الجهات المختصة قبل ممارسة تلك الأنشطة، وهذه الجهات تختلف باختلاف طبيعة الخدمة المقدمة.
وإن كان من الواضح أن الجهات الأمنية هي المرجع الأساسي في إصدار تلك التصاريح. والتفسير الرسمي الذي قيل في تبرير هذه الإجراء هو أنه اتخذ لمنع إثارة البلبلة في المجتمع، بما يعني إخضاع تلك الرسائل للرقابة المسبقة.

هذه الإجراءات اتخذت في أعقاب خطوات أخرى تمثلت في منع بث برنامج القاهرة اليوم الذي كان يقدمه الإعلامي عمرو أديب على قناة أوروبيت.
ومنع الناقد الرياضي علاء صادق من تقديم برنامجه اليومي على شاشة التلفزيون الرسمي، لأنه انتقد وزير الداخلية على الهواء.
ومنع زميلنا إبراهيم عيسى من تقديم برنامجه على قناة أو. تى. في. ثم تمت إقالته من منصبه كرئيس لتحرير صحيفة الدستور، والانقضاض على الصحيفة لتغيير سياستها وطاقم العاملين فيها.

ما أعلن من إجراءات ليس كل شيء. لأن هناك رسائل أخرى لم تعلن مضت في ذات الاتجاه. بعضها طلب من بعض الصحف القومية والخاصة وقف استكتاب أناس معينين، وبعضها استخدم الترهيب الاقتصادي في الضغط على أصحاب الصحف الخاصة، من خلال افتعال المشكلات التي تؤدي إلى إيقاف أنشطتهم الأخرى أو الإيعاز للبنوك للحد من تعاملها معهم. هذا غير الرسائل الشفوية التي تنقل عبر الوسطاء تتضمن إيحاءات مسكونة بالتحذير والتهديد.

حين تتلاحق تلك التصرفات خلال الأشهر الأخيرة. فإننا لا نستطيع أن نقول إنها مجرد مصادفات. وبالتالي لا يستطيع المرء أن يقاوم الربط بينها، خصوصا أن موضوعها واحد ولا يخرج عن نطاق الإعلام، كما أن اتجاهها واحد أيضا، من حيث إنها تصب في مجرى التضييق والرقابة وتقييد حرية تداول المعلومات.

بعض زملائنا الذين علقوا على تتابع الأحداث حذرونا من أمرين، منهم من دعانا إلى عدم الربط بينها بحجة عدم الاستسلام لنظرية المؤامرة. ومنهم من طالب بعدم تسييس الوقائع، والنظر إليها باعتبارها أحداثا منفصلة كل منها له دلالته الخاصة، التي ليس للسلطة علاقة ضرورية بها.

لا نستطيع أن نفصل الحاصل الآن عن الدعوة المبكرة إلى إحكام الرقابة على البث التلفزيوني، من خلال وثيقة تنظيم البث الفضائي التي فشلت مصر في تسويقها من خلال الجامعة العربية قبل سنتين.. وهي خلفية كاشفة عن النية المبيتة مبكرا لتكميم وسائل الإعلام وحصارها.
بالتالي فلست أرى وجها سواء لتجاهل تلك الخلفية، أو لاستبعاد الربط بين الوقائع السابقة بعضها البعض، أو بينها جميعا وبين الانتخابات النيابية الراهنة أو الرئاسية المقبلة. وأزعم أن ذلك التجاهل هو من قبيل الاستهبال أو الاستعباط.
إذ لا يستطيع أحد أن ينكر أن تلك الإجراءات تخدم هدفا واحدا هو إعداد المسرح للتعتيم على ممارسات «النزاهة» المفترضة في الانتخابات القادمة، خصوصا بعدما قرر الإخوان المشاركة فيها، وأعلنوا أنهم سيخوضون حتى آخر رمق معركة الحيلولة دون تزويرها.
الأمر الذي يفسر مثلا لماذا كان ينبغي من الآن أن يوضع البث التلفزيوني المباشر تحت الرقابة الشديدة،
ولماذا اتخذت إجراءات إطفاء الأنوار، وإسكات الأصوات، وإظهار العين الحمراء،
ولماذا هذه الأيام يُضرب المربوط لكي يخاف السائب.
..........................

صحيفة الشرق القطريه الأحد 16 ذوالقعدة 1431 – 24 أكتوبر 2010
لو مددت بصرك تحت السطح - فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2010/10/blog-post_24.html


يبدو أننا أمتن كثيرا من بريطانيا ونحن لا ندري، وإذا كان لديك شك في ذلك فحاول أن تطالع ما تنشره الصحف البريطانية عن قرارات الحكومة هناك، وقارنه بما تنشره صحفنا عن إنجازات حكومتنا الرشيدة،
وإذا فعلتها فسوف ينتابك الشعور بالأسف والقلق على حاضر بريطانيا ومستقبلها، في حين أنك سوف تسترخي وتطمئن بالا حين تقرأ في صحفنا وعلى ألسنة مسؤولينا أن كله تمام التمام، وأن مصر تجاوزت الأزمة العالمية، بفضل حكمة الرئيس وتوجيهاته السديدة بطبيعة الحال.
ستقرأ في الصحف البريطانية مثلا أن الملكة ألغت هذا العام احتفال عيد الميلاد الذي اعتادت أن تقيمه في قصر باكنجهام كل سنة، وطبقا لما ذكرته صحيفة «صن» في 15/10 فإن الملكة إليزابيث أرادت بذلك التعبير عن تضامنها مع الشعب البريطاني في تعامله مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها في الوقت الراهن،
ونقلت الصحيفة عن الناطق باسم قصر باكنجهام قوله إنه «بالنظر إلى المناخ الاقتصادي الحالي، من المناسب أن تتحلى الأسرة الحاكمة بضبط الإنفاق».
ستقرأ أيضا أن وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن أعلن عن خطة للتقشف «هي الأقسى منذ خمسين عاما» ستؤدي إلى خسارة نصف مليون موظف لوظائفهم خلال السنوات الأربع المقبلة، بمعدل موظف واحد من بين كل 12 شخصا، بعد تخفيض ميزانيات معظم الوزارات بمعدل 24 خلال تلك الفترة.
ستقرأ معلومات أخرى خطيرة خلاصتها أن سياسة التقشف وشد الحزام فرضت وضع إستراتيجية جديدة للأمن، ستؤدي إلى صرف 17 ألف جندي من الجيش وتسريح 25 ألف موظف من وزارة الدفاع خلال السنوات الخمس المقبلة،
ستقرأ أيضا أن التخفيضات ستسري على هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، التي أعلنت أنها ستتكفل من جانبها بدفع مصاريف الخدمة العالمية التي كانت تمولها وزارة الخارجية.
إذا حولت بصرك إلى مصر، وأنصت إلى تصريحات المسؤولين أو تابعت ما تبثه وتنشره وسائل الإعلام المختلفة فسوف تكتشف على الفور أنك خرجت من الساخن إلى البارد، حيث لا أثر ولا وجود لمشاعر التوتر والمفردات المعبرة عنها، من الأزمة إلى التقشف وشد الحزام، كأن مصر تحلق في كوكب آخر غير الذي تنتمي إليه بريطانيا،
ولأن العنوان العريض هو أن «كله تمام»، فإن سلوك الحكومة عبر عن الرضا والارتياح إلى الوضع القائم، وتنافست وسائل الإعلام المعبرة عنها في إبراز الإنجازات التي تحققت، من المنتجعات والمولات وملاعب جولف، إلى المشروعات العملاقة وإغراق البلد بأحدث السيارات وهواتف المحمول.
ولتأكيد هذه البحبوحة فإن الإنفاق ظل باذخا وبلا حدود على المهرجانات والحفلات والملتقيات التي تعقد في فنادق الخمس والسبع نجوم (رغم وجود عشرات القاعات المجانية الأخرى داخل مؤسسات الدولة).
ناهيك عن جولات الأكابر المكوكية الذين يطوفون مع الحاشية وعلى الطائرات الخاصة بعواصم العالم في مهام كثيرا ما يختلف ظاهرها عن باطنها.
في حين تتجمل الواجهات وتبدو على تلك الشاكلة فإنك لو مددت بصرك إلى ما تحت السطح ستفاجأ بشبح الأزمة كامنا ومخيفا، ستفاجأ مثلا بأن ثمة عجزا في الموازنة تجاوز تريليون (ألف مليار) ومائة مليار جنيه (كان العجز 20 مليار جنيه حين تولى الرئيس مبارك السلطة في عام 1981).
وستفاجأ بأن ثمة موارد في الميزانية تقدر بمليارات الجنيهات لا أحد يعرف أين تذهب. وستلاحظ أن خزينة الدولة مفتوحة على مصارعها لاعتمادات الأجهزة الأمنية (التي قلصوها في بريطانيا) والتلفزيون (الذي تخلت الخارجية البريطانية عن تمويله) ــ (إعادة بناء مجلس الشورى تكلفت مليار جنيه). ستفاجأ كذلك بأن أصول مصر تم بيعها، من مؤسسات القطاع العام إلى ثروتها العقارية التي تعرضت للنهب وليس البيع فقط.. إلخ.
الخلاصة أن ما تقع عليه عيناك تحت السطح لن يصيبك بالصدمة والدهشة فحسب ولكنه سيصيبك بالحيرة أيضا، لأنك لن تعرف بعد ذلك كيف أمكن لسفينة الوطن أن تستمر طافية فوق السطح. رغم الثقوب التي ترشحها للغرق في أي لحظة،
وحينئذ ستكتشف أننا لسنا أمتن من بريطانيا، ولكن الفرق بينهم وبيننا أنهم لا يترددون في إخبار الناس بالحقيقة لإشراكهم في حمل الهم، أما عندنا فإننا نتستر على الحقيقة ولا نكترث بالناس، وإنما نعتبرهم جزءا من الهم، وهو ما يستدعي السؤال التالي:
أيهما أجدر بالأسف والقلق على حاضره ومستقبله، المعلن في بريطانيا أم المسكوت عنه في مصر؟
.........................

Comments

Popular posts from this blog

Fwd: [ElabgyLovers] هذا الحبيب

Fwd: [ElabgyLovers] التحرش .. أزمة مجتمع

Fwd: [ElabgyLovers] الجرائم التاريخية المؤكدة ؛ لحكم جمال عبد الناصر العسكري؛؛